مطبوع خاص حول جغرافية المغرب العربي
الزيارات:

myblogger120@gmail.com | 12:29 م |

مطبوع خاص حول جغرافية المغرب العربي


د. محمد صباحي

مطبوع خاص حول جغرافية المغرب العربي 
 
 
 



1- البنية والتضاريس بالمغرب العربي :



في الواقع، التضاريس ما هي إلا انعكاس لظروف التركيب الجيولوجي والفترة التى قضتها عوامل التعرية في العمل. فخلال الزمن الجيولوجي الثاني والثالث عرفت منطقة المغرب العربي، وخاصة في أجزاءها الشمالية عمليات الغمر والإنحسار البحريين وتكوين الطبقات الرسوبية والتي تعرضت لحركات إلتوائية عنيفة .

ويمكن اعتبار الزمن الجيولوجي الثالث هو الذي حدتث فيه أضخم الأحداث التي شكلت السطح وصوره التضاريسية. وتتمثل هذه الأحداث الضخمة في الحركات الألبية الحديثة. ويبدو أن هذه الحركات كانت تحدث على دفعات فلم تتم وتظهر نتائجها دفعة واحدة .

لقد نتج عن هذه الحركات الإلتوائية العنيفة في الأجزاء الشمالية من منطقة المغرب العربي بروز سلاسل جبلية حديثة بالمجال الأطلسي أولا، ثم فيما بعد بالمجال الريفي-التلي المحادي للساحل المتوسطي. اما في جنوب المنطقة، فلم تشملها هذه الحركات حيث نجد المجال الصحراوي. وهو ما يعني أن هناك ثلاث مجالات طبوغرافية .

1- المجال الأطلسي :



يتشكل المجال الأطلسي لمنطقة المغرب العربي من قسمين : الأول جبلي مرتفع يمتد من خليج أكادير إلى السواحل الشرقية لتونس في اتجاه عام من الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي. أما الثاني، فهو هضبي سهلي مكون أساسا من مجموعة من السهول والهضاب يوجد أغلبها في المغرب، حيث تنحصر بين جبال الريف والأطلسين الكبير والمتوسط وتنحدر تدريجيا نحو المحيط الأطلنتي .

أ – القسم الجبلي :

يتميز هذا القسم بسلاسل جبلية ذات ارتفاعات مهمة،ويعد الأطلس الكبير أضخم وحدة جبلية بالوطن العربي. يمتد على طول 700 كلم من المحيط إلى الشرق وفق محور جنوبي غربي-شمالي شرقي. ويتراوح اتساعه ما بين 50 و120 كلم، فهو عبارة عن طية كبيرة. ويتميز بقمم عليا خاصة جنوب مدينة مراكش، بحيث تضم هذه المنطقة أعلى النقط بالسلسلة،وتأتي على رأسها قمة توبقال 167 4 م بالأطلس الكبير الغربي .

وبالرغم من علو هذه السلسلة ووعورة سفوحها، فإنها تحتوي على العديد من الفجاج والممرات الطبيعية الواسعة مقارنة مع جبال الريف. ومن جهة أخرى، وبفعل ارتفاعها وتلقيها لتساقطات مطرية وثلجية مهمة، فإن هذه السلسلة تتوفر على موارد مائية مهمة. ويمكن تقسيم الأطلس الكبير إلى ثلاثة أقسام جبلية كبيرة متباينة حسب الارتفاع والشكل التضاريسي، وهي كالآتي :

- الأطلس الكبير الغربي: ويمتد من المحيط الأطلسي غربا، ما بين" رأس غير "و" تافلنيج "، وينتهي عند ممر " تيزي تيشكا " شرقا. يعد هذا القسم الغربي الأكثر ارتفاعا وتقطعا بالأطلس الكبير بأكمله، فهو يتشكل من تضاريس متباينة تتميز بنظام مائي سريع وغير متجانس.

- الأطلس الكبير الأوسط : ينحصر موقع هذه الوحدة من ممر " تيزي تيشكا "و " واد الردات " غربا، وينتهي بهضبة البحيرات في عالية واد دادس شرقا.وتطغى على هذا القسم الأوسط، جبال كتلية على شكل هضاب ضخمة ومسطحة ذات أجراف عالية وعمودية بفعل التعمق الشديد للأودية وسرعة جريان مياهها وتعدد روافدها. وأعلى القمم بهذا القسم تتمثل في جبل " مكون " بـ 071 4 م .

- الأطلس الكبير الشرقي : يتسم هذا القسم هو الأخر بجبال ذات ارتفاعات وقمم عالية خاصة بالجهة الغربية، كما هو الشأن في جبل " مسكر" ( 277 3 م). أما شرقا فإن الارتفاع يقل تدريجيا كجبل" بوعرفة " بـ 872 1 م. وتنتظم هذه الجبال على شكل أعراف صغيرة وطويلة ذات محدبات بنيوية صغيرة ومتباعدة، تفصل بينها مقعرات بنيوية واسعة مشكلة منخفضات وسهول شاسعة في عالية واد زيز، والتي تخترقها بعض الأودية الصغرى .

وتحتل سلسلة الأطلس المتوسط مكانا وسطا بين جبال الريف شمالا والأطلس الكبير جنوبا.فهي ترتبط بحدودها الجنوبية مع الأطلس الكبير، لكن تنفصل شمالا عن الريف بواسطة ممر إيناون وسايس. تمتد هذه السلسلة على مساحة تقدر بـ 200 13 كلم2 ، منها 750 4 كلم 2 بالأطلس الهضبي و 8450 كلم2 بالقسم الملتوي من السلسلة. فهذه السلسلة تتكون من قسمين متباينين :



- الأطلس المتوسط الهضبي الغربي: يقع في الشمال الغربي، ممتدا من واد " سروا " قرب مدينة القباب إلى واد " إيناون " في الشمال. ويشكل منطقة متسعة ومنفتحة تتميز بالانتشار الواسع للهضاب الكلسية المنبسطة، والتي يتراوح علوها ما بين 100 1 م و 100 2 م. توجد بهذه الهضاب أشكال كارستية عبارة عن أحواض مغلقة تتوفر على مياه راكدة على شكل ضايات كضاية عوا وضاية إفراح. كما يتوفر هذا المجال على عيون كثيفة تغذي مجموعة من الأودية على رأسها نهر أم الربيع .

- الأطلس المتوسط الالتوائي : ويقع في الشرق و الجنوب، ممتدا من وادي العبيد في الجنوب الغربي إلى ممر تازة في الشمال الشرقي. ويتميز هذا القسم ببنية التوائية عنيفة، وبارتفاعات تصل إلى 3 340 م متمثلة في جبل " بوناصر "، وتخترقها مجاري مائية ضيقة وكثيفة الجريان، وخاصة في الفترات الرطبة.

بالنسبة للأطلس الصحراوي والذي يعد امتداد الجبال للأطلس الكبير، فهو يتميز بمجموعات جبلية مختلفة الحجم والإرتفاع. فالسفوح الشمالية الشديدة الإنحدار تشرف على الهضاب والسهول العليا الجزائرية، بينما تنخفض السفوح الجنوبية بصورة تدريجية نحو الصحراء .

وتشكل جبال الأوراس في الشمال الشرقي أعلى القمم الجبلية بالجزائر كقمة جبل شالية ب 2328م. أما في الوسط، نجد جبال الحضنة ( 1902م) وجبال أولاد النايل، بينما في الغرب جبال القصور التي يصل علوها في قمة جبل عيسى إلى 2236 م .

تعتبرالسلسلة الظهرية بالشمال الغربي لتونس امتداد لسلسة الأطلس الصحراوي بالجزائر،إذ تتكون من جبال قليلة الإرتفاع، فأعلى قمة بها لاتتجاوز 1544 م والممثلة في جبل الشعانبي. وتشكل السلسلة الظهرية مع سلسلة التل محورا جبليا يخترق تونس من الجنوب الغربي نحو الشمال الشرقي ولايفصل بينهما إلا حوض واد المجردة .

ب – القسم السهلي- الهضبي :



يحتضن المجال الأطلسي العديد من السهول والهضاب أغلبها داخلية ومحاطة بسلاسل جبلية، فيما أخرى منفتحة على الساحل الأطلنتي والمتوسطي، وهي أكبر مساحة وأكثر اتساعا في المغرب منها في الجزائر وتونس. ويتميز هذا القسم بالمغرب العربي بالإنبساط وتغطيه في الغالب إرسابات الزمن الثالث والرابع، باستثناء في بعض المناطق التي تبرز بها الصخور القديمة.

- بالمغرب :

تنحصر هضاب وسهول المغرب بين سلسلتي جبال الريف وجبال الأطلس. ويمكن تقسيمها جغرافيا إلى ثلاث مجموعات: الأولى تقع في الشمال الغربي واالثانية بالشمال الشرقي، بينما الثالثة بالجنوب .

بالنسبة للأولى، فهي تمتد بمحاداة الساحل الأطلنتي، وتضم سهول الشاوية ودكالة وعبدة التي لايتعدى إرتفاعها عن 500 م. إضافة إلى سهل الغرب الذي هو عبارة عن سهل فيضي يتميز بالإنبساط والإنخفاض، إذ يغطي مساحة تقدر ب 620000 هكتار. بشرق هذه السهول، نجد هضاب داخلية تبتدىء من هضبة سايس ( يتراوح علوها ما بين 400 م و 800 م ) وتنتهي جنوبا عند الأطلس الكبير بهضاب الشياظمة وحاحا التي يصل علوها إلى ما يناهز 800 م .

هناك أيضا الهضبة الوسطى والرحامنة التي تشكل الجزء الأهم اتساعا وعلوا ( ما بين 400 م و1600 م )، إضافة إلى هضبة الفوسفاط ( ما بين 500 م 800 م ). وينحصر بين هذه الهضاب وجبال الأطلس المتوسط والكبير سهلان داخليان هما تادلة والحوز. الأول عبارة عن منخفض طبوغرافي شاسع تزيد مساحته عن 320000 هكتار، أما الثاني، فيمتد على مساحة 670000 هكتار .

أما المجموعة الثانية، فإنها تتشكل من مجموعة من الهضاب العليا التي تمتد على مساحة شاسعة داخل الجهة الشرقية، إذ يزيد ارتفاعها عن 1000م، وبالأخص في الشمال حيث تنتهي بجبال ذات إلتواءات كجبال دبدو ( 1620م )، لكنها تنخفض تدريجيا نحو الشرق. وتتصف هذه الهضاب بغلبة طابع الإستيواء، كما تتخللها بعض المنخفضات الصغيرة، كمنخفض شط تيكري ومنخفض عين بني مطهر .

من جهة الغرب تشرف الهضاب العليا على سهول ملوية الوسطى، ومن جهة الشمال على سهول ضيقة، أهمها سهلا أنكاد وطريفة اللذين تفصلهما مرتفعات بني يزناسن (1572م). الأول عبارة عن منبسط طبوغرافي ضيق يتراوح عرضه مابين 40 60 كلم، فيما ارتفاعه لايفوق600 م. أما سهل طريفة، فيمتد على مساحة تقدر ب 335000 هكتار، فيما إرتفاعه فلا يزيد عن 120 م .

فيما يخص سهول وهضاب المغرب الجنوبي، فهي تضم مجموعة من السهول كسهلي دادس وتافيلالت اللذين يقعان جنوب الأطلس الكبير. وبجوار سهل تافيلالت جنوب الأطلس الصغير، نجد سهل درعة الذي تتخلله بعض الأعراف الجبلية، كأعراف جبل باني وجبل واكزيز. وبمحادات الساحل الأطلسي الممتد من طرفاية إلى الكويرة، نجد السهل الجنوبي، وفي شماله يتخذ سهل سوس في منظره العام شكل مثلث مفتوح على الساحل الأطلنتي، حيث يمتد على مساحة 4400 كلم2 .

- بالجزائر :

تعتبر الهضاب العليا بغرب الجزائر امتدادا لهضاب المغرب الشرقي والتي تشغل مساحة كبيرة وشاسعة، وتنحدر ارتفاعاتها من 1000 م في الغرب إلى 650 م في الشرق. أما الهضاب العليا القسنطينية، فهي أقل اتساعا ويبلغ متوسط إرتفاعها 800 م. كما تتخلل سلسلة جبال التل بعض المنخفضات الضيقة والسهول .

- بتونس :

تمتد التضاريس الهضبية بتونس بالسهوب العليا ( تطلق على مجموعة من السهول تقع وسط البلاد، وهي تتميز بغطاء نباتي مكون من الأعشاب وندرة الأشجار ) في الوسط وجنوب جبال الظهر بجنوب البلاد، حيث تتخللها مجموعة من الجبال يزيد علوها أحيانا عن 1300 م. أما السهوب السفلى التي تقع بموازات الساحل، فهي تمتد من سهل بنزرت في الشمال إلى سهل الجفارة في الجنوب الشرقي والتي يقل ارتفاعها عن 200 م، كما تتميز بوجود بعض التلال والمنخفضات الواسعة .

- بليبيا :

يتميز سطح الأراضي الليبية بأشكال تضاريسية ذات مظاهر صحراوية، إذيغلب عليها طابع الإنبساط والإنخفاض، فالإرتفاع العام يتراوح ما بين 400 و800م . ففي الشمال نجد السهول الساحلية تمتد على طول الواجهة البحرية المتوسطية ( 1800 كلم)، بحيث تتسع عند خليج سرت وسهل الجفارة وتضيق في الجهة الشرقية .

أما في الداخل، يلاحظ هضبة واسعة تنحدر عموما من الجنوب الغربي إلى الشمال الشرقي، إذ تبرز بها أحيانا كثلا جبلية ضعيفة الإرتفاع كجبال الهروج والسوداء. كذلك نسجل تواجد بعض المرتفعات في شكل حافات هضبية متدرجة نحو السهول الساحلية، كجبل الأخضر (882م) والغربي (850م) .

2- المجال الريفي - التلي :



يمتد المجال الريفي- التلي بمحادات الساحل المتوسطي من طنجة المغربية غربا إلى بنزرت التونسية شرقا. ويتميز بتركيبة جيولوجية معقدة وبأشكال تضاريسية وعرة تتصف بشدة التقطع وبتعمق الأودية وبقوة انحدار السفوح وكثرة الأعراف الجبلية وبأهمية الإرتفاع الذي يزيد عن 2000 م. ويتكون هذا المجال من سلسلتين جبال الريف بالمغرب وجبال التل في الجزائر وتونس .

تمتد سلسلة جبال الريف على شكل قوس من منطقة طنجة غربا إلى واد ملوية شرقا، وتنتهي بتلال مقدمة الريف من جهة الجنوب. فالسلسلة من النوع الألبي تتكون من عدة مجالات بنيوية على شكل أشرطة موازية للبحر .

قديما، كان المجال الريفي عبارة عن منخفض بحري عميق تراكمت فيه إرسابات مكونة أساسا من الصلصال والنضيد والحجر الرملي والكلس. تعرضت هذه الإرسابات في نهاية الزمن الثالث إلى حركات تكتونية (باطنية ) عنيفة، أدت إلى نشوء سلسلة جبال الريف على شكل بنية إلتوائية وعرة ومعقدة ذات أشكال متداخلة .

ويشكل الريف النهاية الغربية للسلسلة الألبية التي تتميز ببنيتها الصعبة، لذا فالسهول تبدو شبه منعدمة، فهي لاتمثل سوى 700 كلم2 ، يتواجد معظمها بمحاذات الساحل التطواني والحسيمة، أي مايعادل حوالي 2،2 % من إجمالي المجال الريفي .

وإن وعورة التضاريس وضعف نفاذية الصخور يحد من تسرب المياه، الشيء الذي يجعل 85 % من التساقطات المطرية بالريف تتحول إلى جريان سطحي، فيما نسبة النفادية لا تزيد عن 15 % ، وهي نسبة ضعيفة لا تسمح بتكوين فرشات مائية جوفية كبيرة. ويزيد في غياب هذا النوع من الفرشات شدة الإنحدارات وعنف التساقطات المطرية .

إن الإمتداد الجغرافي للريف على مساحة 32000 كلم2 (بطول يصل إلى 360 كلم) أكسبه نوعا من التباين على مستوى الأشكال التضاريسية. جغرافيا يمكن تقسيم سلسلة الريف إلى أربع وحدات طبوغرافية كبرى: الريف الغربي والأوسط والشرقي ثم الجنوب (تلال مقدمة الريف) .



- الريف الغربي: يتكون أساسا من تلال نضيدية غالبا مايصل علوها إلى

900 م،تعلوها أعراف حثية صلبة وطويلة يبلغ إرتفاعها 1700 م .



- الريف الشرقي: تتخذ التضاريس بهذه الوحدة شكل هضاب وجبال

صغيرة منعزلة، قلما ما يصل علوها 2000 م، ومن أهمها قمة جبل

"حمان " الذي يبلغ علوه 1900 م. كما تبرز بعض الطفوحات البركانية .



- الريف الأوسط: تتجمع بهذه الوحدة أعلى القمم بسلسلة الريف،

حيث يعد جبل تدغين أعلى قمة جبلية بهذه السلسلة بعلو 2456 م.

وتتكون الجبال في الغالب من أعراف عليا حثية ونضيدية تمتد بالأخص

من الشرق نحو الغرب. ونظرا لأهمية الإرتفاعات وشدة الإنحدارات،

فإن الريف الأوسط يتمتز بمجاري مائية كثيفة وسريعة الجريان .



- تلال مقدمة الريف: يطلق هذا الإسم على مجموعة من التلال تقع

جنوب السلسلة وتتكون في مجملها من صخور السجيل والطين.

تمتد هذه الوحدة على طول يقدر ب 300 كلم وعرض يتجاوز 50 كلم،

فيما الإرتفاعات القصوى تتراوح مابين 500 م 800 م. كما تتبع هذه

الوحدة الشكل الهلالي نحو الشمال وتتخذ من تلال طابعا طبوغرافيا

عاما يتسم بتزايد تدريجي في الإرتفاعات نحو الشمال .

تمتد سلسلة جبال التل في الجزائر بمحاذاة الساحل المتوسطي، وهي تعد امتدادا لسلسلة جبال الريف، بحيث لايفصلهما سوى هضاب ومرتفعات المغرب الشرقي. هذه السلسلة تعرف بعض التباين بين جزءها الغربي والشرقي .

يتميز الجزء الغربي الذي يمتد من الحدود الشمالية الشرقية للمغرب إلى جبال مليانة في غرب الجزائر العاصمة بارتفاعات متوسطة تتراوح مابين 1500 م و 1900 م. هذا الجزء يتوسطه منخفض شليف الذي يفصل بين جبال الظهرة المحاذية للساحل في الشمال وجبال الورسنيس في الجنوب، حيث توجد أعلى قمة جبلية (1985 م). كما تتخلل هذا الجزء بعض السهول الساحلية الضيقة ومجموعة من الهضاب التلية .

بالنسبة للجزء الشرقي، فهو أكثر إرتفاعا بحيث يضم العديد من القمم الجبلية، أعلاها يصل إلى 2305 م بجبال الجرجورة، في حين السلسلة النوميدية أعلى قممها لايتعدى 1462 م. وعند الساحل المتوسطي ينتهي التل الشرقي بعدة سهول ضيقة، كعنابة وسكيكدة .

أما بتونس، تتصف سلسلة التل بقلة الإرتفاع، حيث لا يزيد الإرتفاع عن 1000 م إلا في أجزائها الغربية، إذ تصل أعلى قمة بها إلى 1212 م. وتضم هذه السلسلة جبال مقعد توجد بمحاذاة الساحل المتوسطي وجبال خمير التي تقع بجنوبها .

3- المجال الصحراوي :



يشكل المجال الصحراوي الجزء الأكبر من مساحة دول المغرب العربي، حيث يلاحظ الإمتداد الشاسع للأراضي الصحراوية الجافة في الوسط والجنوب. ويضم هذا المجال أشكال تضاريسية صحراوية تتصف في مجملها بالإنبساط والإنخفاض، بإستثناء أقصى الشمال الغربي حيث ترتفع جبال الأطلس الصغير، وفي أقصى الجنوب إذ توجد مرتفعات الهكار وتاسيلي. وقد

لعب المناخ دورا كبيرا في تكوين أشكال تضاريسية مختلفة. من أهمها الحمادات والعروق والرقوق .

يجب التذكير أن الهضبة الصحراوية تعد من أكبر صحاري العالم، حيث تمتد من ساحل المحيط الأطلنتي غربا حتى مرتفعات البحر الأحمر شرقا، ومن ساحل المتوسط المتوسط شمالا إلى 2000 كلم جنوبا. وبصة عامة، ينحدر سطحها انحدارا تدريجيا في الجنوب نحو الشمال. وتتميز هذه الهضبة بكثرة الأودية الجافة والإنتشار الواسع للكثبان الرملية والحمادات .

وقد أسهمت كل من الرياح والتعرية المائية القديمة في تكوين مجموعة من الأحواض المنخفضة والتي تضم العديد من الواحات، أبرزها تافيلالت بالمغرب وجرداية بالجزائر وقفصة بتونس وجالو والجغبوب بليبيا .

أ – المرتفعات :



تشكل جبال الأطلس الصغير والهكار وتاسيلي الأجزاء المرتفعة في صحراء المغرب العربي. بالنسبة للأطلس الصغير الذي يمتد من الساحل الأطلنتي غربا إلى حدود منطقة تافيلالت شرقا (يتراوح عرضه مابين25 كلم و 130 كلم )، فهو عبارة عن هضاب شديدة التقطع تحيط بها أحواض متنوعة التشكيل.كما نجد منخفضات ضيقة تشرف عليها السفوح الحادة الإنحدار .

تتجاوز الإرتفاعات أحيانا بالأطلس الصغير إلى 2500 م، حيث تصل في جبل صاغرو إلى 2710 م وفي جبل واكليم إلى 2530 م. ويرتبط الأطلس الصغير بصورة موازية مع جنوب الأطلس الكبير بجبل سيروا الذي يمثل أعلى قمة ب 3304 م المكون من طفوحات بركانية. ومن جهة سفوحه الشمالية ينتهي الأطلس الصغير بمنخفضين واسعين وهما منخفض دادس ومنخفض سهل سوس .

فيما يخص جبال الهكار، فهي تقع في أقصى الجنوب الصحراوي الجزائري، حيث تواجد أعلى قمة جبلية في الجزائر والممثلة في جبل أطاكور ب 2918 م. هذه الجبال تحيط بها من جهة الجنوب والشمال والشمال الشرقي هضاب تاسيلي التي تمتد داخل الأراضي الجنوبية الغربية الليبية. نجد بليبيا كذلك هضبة تبيستي في الجنوب وجبل العوينات في الجنوب الشرقي .

ب – الحمادات :



تشمل الحمادات والأراضي المنخفضة القسم الكبير من المجال الصحراوي بالمغرب العربي، فهي عبارة عن هضاب صحراوية ذات ارتفاعات متوسطة، وتمتاز بسطوح تكسوها أحياناالصخور بعد تفكك الجزء الأعلى من طبقاتها الصخرية بفعل عوامل التعرية. وبواسطة حافات قوية الإنحدار (سطوح هضبية)،فإنها تشرف على السهول والمنخفضات المجاورة لها .

تتصف الحمادات بالمغرب في معظمها بسطوح مستوية لا يتعدى ارتفاعها 400 م، وكذا بأودية عميقة ذات حافات شديدة الإنحدار. ومن أهمها حمادات كير وكمكم ودرعة وطرفاية والكعدة. نجد كذلك المنخفضات الواسعة التي تشغلها أحيانا الكثبان الرملية وتسمى بالعروق. إضافة إلى سطوح الرق والتي تتميز بالإنبساط في سطحها المكسو بالحجارة والحصى، بعد أن أزالت عوامل التعرية الحبيبات الرملية الدقيقة .

نفس الشيء يقال على بقية دول المغرب العربي، حيث تشغل الحمادات قسما كبيرا من الأراضي الجنوبية. فهناك حمادات تنغيرت وتادمايت في الجزائر والحمراء في ليبيا وأدرار في موريطانيا .

ج – الأراضي المنخفضة :



تتميز صحراء المغرب العربي بالإنتشار الواسع للسهول والمنخفضات والأحواض الصحراوية. من أهمها سهل الركيبات الذي يهم أقصى جنوب المغرب وشمال موريطانيا. فهو يمتد على طول يصل إلى حوالي 1400 كلم وبعرض يتراوح مابين 150 كلم و 400 كلم، فيما علوه لا يتجاوز 200 م. هناك أيضا سهل الجفارة الذي يشرف على الساحل المتوسطي في منطقة الحدود التونسية-الليبية، إضافة إلى سهول أخرى .

بالنسبة للمنخفضات والأحواض، جلها تغمرها كثبان رملية، إذ يتراوح علوها ما بين 40 م و 100 م، وبذلك فهي تشكل عروقا واسعة بل تعد من أكبر العروق الصحراوية في العالم، كالعرق الكبير الغربي بالجزائر الذي يحتل مساحة تقدر بحوالي 80000 كلم2. أيضا هناك عروق مثل المجابة الكبرى في موريطانيا ومرزوق في ليبيا وغيرها .

يستنتج من هذه الدراسة المختصرة، أن البنية الطبوغرافية بدول المغرب العربي تتميز بالتنوع، خاصة بين الشمال والجنوب. ففي الشمال ينتصب المجالين: الأطلسي والريفي- التلي، حيث يغلب عليهما الطابع الجبلي مع تواجد السهول والهضاب. ومجال صحراوي يغلب عليه الإنبساط ويشكل الجزء الكبير من مساحة المغرب العربي .

هذا الوضع الطبوغرافي يؤثر على الحالة المناخية بدول المغرب العربي.

فالسلاسل الجبلية تتخذ مظهر حاجز يحول دون وصول المؤثرات الشمالية والغربية الرطبة إلى الجنوب، كما تحد من انتشار المؤثرات الصحراوية في الشمال. وهذا بالطبع ماينتج عنه تباين مناخي كبير بين شمال وجنوب المغرب العربي .



2- الوضعية المناخية بالمغرب العربي :



بحكم الموقع العرضي للمغرب العربي، فإنه ينتمي إلى المنطقة شبه المدارية. لذا فهو يعرف تباينا كبيرا في وضعيته المناخية. فهناك ثلاثة مناخات رئيسية تتدرج من الشمال إلى الجنوب. وهي المناخ المتوسطي والصحراوي وشبه المداري. وتلعب الدورة الهوائية العامة والسلاسل الجبلية والمؤثرات الأطلنتية والمتوسطية دورا في تحديد مناخ المغرب العربي .

إن موقع المغرب العربي في العروض شبه المدارية يجعله منطقة إلتقاء كثل هوائية مختلفة. ففي فصل الشتاء تخضع المنطقة لثأثير انخفاضات جوية محيطية (معتدلة ورطبة) أو الأتية من أروبا الوسطى (باردة وجافة).أما في فصل الصيف وبفعل صعود مركزي الضغط الجوي المرتفع الأصوري والصحراوي يصبح الجو هادءا ومشمسا مصحوبا بحرارة مرتفعة تزداد شدتها في المناطق الصحراوية وتؤدي أحيانا إلى تكوين انخفاضات جوية صحراوية تصاحبها رياح وعواصف رملية والتي قد تمتد نحو الشمال فتعطي رياح الشركي .

أحيانا في فصل الشتاء يشكل إلتحام الضغط المرتفع للأصور مع الضغط المرتفع لأروبا الوسطى حاجزا أمام تسرب الكثل الهوائية القطبية الرطبة، مما يؤدي إلى جو هاديء ومشمس. لكن في بعض الحالات يحدث انفصال المرتفعين، فيتكون بينهما ممر يسمح بتسرب الإضطرابات الجوية الشمالية نحو الشرق. الشيء الذي يعطي تساقطات مطرية في شرق الجزائر وتونس. فيما غرب المغرب يبقى جافا نتيجة تأثير الضغط المرتفع الأصوري.

تشكل السلاسل الجبلية بالمغرب العربي من الأطلس الكبير غربا إلى الظهر التونسي شرقا حاجزا رئيسيا يحول دون وصول المؤثرات الشمالية الرطبة إلى الجنوب، كما تحد من انتشار المؤثرات الصحراوية نحو الشمال،باستثناء المنطقة الساحلية الليبية المفتوحة، بسبب إنعدام الحواجز التضاريسية. وبناءا على ذلك يتحدد في المغرب العربي مجال شمالي يتميز بإعتدال نسبي في الحرارة والأمطار، ومجال جنوبي يتصف بشدة الحرارة والجفاف .

من جهة أخرى ، في المناطق الساحلية تساعد المؤثرات المحيطية والمتوسطية على تلطيف درجات الحرارة، كما تحد من قساوة برودة فصل الشتاء وتكون الرطوبة النسبية للهواء قوية. ويتضح أثر العوامل البحرية أكثر في سواحل المغرب وتونس، نظرا لتوفرهما على واجهتين بحريتين. وللإشارة، فالمؤثرات البحرية تضعف وتتلاشى تدريجيا كلما توغلنا نحو المناطق الداخلية .

يعرف المغرب العربي تباينا مناخيا كبيرا بين قسميه الشمالي والجنوبي. فبإستثناء أقصى جنوب موريطانيا، يمكن تقسيم تراب المغرب العربي إلى منطقة متوسطية ذات تضاريس مرتفعة ومناخ معتدل، ومنطقة صحراوية تعمها تضاريس منخفضة وجفاف مناخها .



- المناخ المتوسطي :

ينتشر المناخ المتوسطي في معظم المناطق الشمالية لدول المغرب العربي، فهو يتميز بشتاء بارد معتدل نسبيا وصيف حار وجاف، يفصلهما فصلان انتقاليان هما الربيع والخريف. لكنه عموما يتصف باعتدال الحرارة وعدم انتظام توزيع التساقطات المطرية حسب الفصول والسنوات.

تتعرض السواحل الشمالية للمغرب العربي في فصل الشتاء لهبوب رياح شمالية غربية رطبة، ينتج عنها تساقطات مطرية هامة تزداد غزارتها أكثر بالمرتفعات الجبلية(عدد الأيام الممطرة يفوق 70 يوما في السنة). لكن كمياتها تتضاءل كلما توجهنا نحو الجنوب (عدد الأيام الممطرة يقل عن 30 يوما في السنة) .

في المناطق الساحلية الشمالية لا يتجاوز متوسط التساقطات السنوية 800 ملم، وقد يتعدى 1000 ملم سنويا بالقمم الجبلية، كما هو الحال بالأطلس المتوسط والكبير وبالريف الغربي والتل الشرقي. أيضا تشهد هذه القمم وسفوحها المرتفعة تساقط الثلوج. وبعكس ذلك، تقل الأمطار عن 600 ملم سنويا في العديد من المناطق كالساحل في تونس ومنخفض الحضنة وبعض السهول الوهرانية في الجزائر، وبالحوز وتادلة والجهة الشمالية الشرقية في المغرب .

فيما يخص دراجات الحرارة، فهي ترتفع عموما من الشمال إلى الجنوب ومن الساحل نحو الداخل وتقل مع الإرتفاع. هذا الإختلاف ناتج عن عوامل الموقع العرضي والإرتفاع والقارية. لذا فالمدى الحراري السنوي (هوالفرق في درجات الحرارة بين متوسط الشهر الأكثر حرارة/يوليوز/ والشهر الأقل حرارة/يناير/) يكبر من الشمال نحو الجنوب ومن الساحل نحو الداخل. فالمناطق الداخلية بفعل تأثير عامل القارية تعاني من قساوة البرد شتاءا وارتفاع الحرارة صيفا .

في فصل الشتاء، تكون درجات الحرارة منخفضة وبالأخص خلال شهري دجنبر ويناير، حيث يقل المعدل الحراري عن °15 درجة، بل يزيد الإنخفاض كلما ابتعدنا عن السواحل، إذ يشتد البرد ويحدث الصقيع خصوصا بالقمم الجبلية حيث ينخفض المتوسط الحراري إلى أقل من °5 درجة، وأحيانا تصل الحرارة إلى مادون °0 درجة، كمحطة إفران بالمغرب.

أما في فصل الصيف ترتفع الحرارة بشكل كبير في شهري يوليوز وغشت، حيث تتراوح المتوسطات الحرارية ما بين °25 درجة و°30 درجة، وتزداد ارتفاعا مع هبوب رياح الشركي، إذ تتعدى أحيانا °45 درجة تحت الظل، كما هو الشأن بالهضاب العليا المغربية- الجزائرية .

- المناخ الصحراوي :

يسود المناخ الصحراوي جل المناطق الجنوبية من المغرب العربي، باستثناء أقصى الجنوب الغربي. فهو يعم مجالا شاسعا من مساحة دول المغرب العربي. وقد يمتد تأثيره أثناء فصل الصيف ليعم المناطق الشمالية، نظرا لعدم وجود حواجز جبلية مهمة، كما هو الشأن في ليبيا وحتى تونس. فهناك 95./. من مساحة ليبيا يشملها المناخ الصحراوي، و 84./. من مساحة الجزائر و 75./. من مساحة موريطانيا وحوالي 40./. من مساحة المغرب، بالإضافة إلى الصحراء التونسية .

يتصف المناخ الصحراوي بندرة التساقطات المطرية وبقوة الإشعاع الشمسي مع فترة تشميس طويلة خلال السنة. علاوة على قوة التبخر وأهمية المدى الحراري اليومي والسنوي وضعف الرطوبة. إن كل هذه الصفات تساعد على إدماج الصحاري في مجموعة مناخية واحدة، حيثما كانت هذه الصحاري ومهما كانت الظروف التي تسببها. فالميزة الوحيدة للمناخ الصحراوي هو الجفاف وشدة الحرارة، الشيء الذي ينتج عن ذلك، ندرة في الغطاء النباتي وضعف في الجريان المائي .

بالنسبة لدرجات الحرارة فهي مرتفعة، حيث المعدل الحراري السنوي يفوق °35 درجة. ويتميز فصل الصيف بارتفاع شديد في درجات الحرارة (هبوب رياح حارة وجافة) أثناء النهار وانخفاضها ليلا. وتسجل أعلى الدرجات في شهري يوليوز وغشت، فتبلغ في بعض الجهات°45 درجة تحت الظل، وقد تتجاوز °50 درجة بصحاري الجزائر وليبيا. أحيانا يصحب ذلك حدوث زوابع رملية وهبوب رياح حارة وجافة .

ونظرا لشدة ارتفاع الحرارة نهارا وانخفاضها ليلا، فإن المدى الحراري اليومي يكون كبيرا (هو الفرق بين أعلى درجة حرارة وأقل درجة حرارة خلال اليوم الواحد)، لكنه يقل عن ذلك قرب السواحل الصحراوية المغربية- الموريطانية بفعل تأثير المحيط الأطلنتي .

في فصل الشتاء تكون التساقطات المطرية نادرة إلى شبه منعدمة لسنين متتالية، لكنها قد تحدث وبشكل مفاجيء حتى وفي فصل الصيف. هذه الأمطار على قلتها تتساقط على شكل زخات قوية ومفاجئة خلال فترة زمنية قصيرة، مما يتسب في سرعة جريان الأودية وحدوث فيضانات .

في العديد من المناطق الجنوبية للمغرب العربي، لا تتعدى كميات الأمطار 50 ملم سنويا، بل وتقل أحيانا عن 20 ملم.لكن قد تزيد عن 100 ملم سنويا في الأطراف الشمالية وفي المرتفعات والسواحل الأطلنتية والمتوسطية من المجال الصحراوي .

- المناخ شبه المداري :



يشمل المناخ شبه المداري أقصى جنوب موريطانيا، أي بمحادات نهر السنيغال. ومن خاصيات هذا المناخ ارتفاع في درجات الحرارة طيلة السنة مع أهمية التساقطات المطرية في فصل الصيف والناتجة عن هبوب الرياح المدارية. فأغلب الأمطار تتساقط خلال فترة ماي- شتنبر، بحيث قد تبلغ الكميات أكثر من 600 ملم، لكن تتضاءل كلما توغلنا في اتجاه الصحراء. أما الحرارة، فمعدلها يصل إلى حوالي °30 درجة في شهر غشت .

من خلال هذه الدراسة المختصرة، يمكن التمييز بين ثلاث نطاقات مناخية أساسية في المغرب العربي. والمقصود هنا بالنطاق الرطب وشبه الرطب(أكثر من 800 ملم/السنة)والنطاق شبه الجاف(مابين 200 ملم و 400 ملم/السنة)، ثم النطاق الجاف (أقل من 200 ملم/السنة مع ارتفاع الحرارة ونسبة التبخر). ومن أجل التوضيح أكثر سنأخذ المغرب كنمودج للدراسة .

يتميز مناخ المغرب بدينامية متحركة على مستوى الزمان، والتي تطغى عليها سمات الجفاف أكثر من الرطوبة، حيث يتصف في سلسلة من السنوات بخصائص المناخ الرطب. فيما أخرى تطغى عليها صفات المناخ الجاف. مما يعني تعاقب سنوات رطبة وأخرى جافة بدون انتظام .

ويمكن اعتبار كل سنة من ثلاث سنوات عادية في المعدل. إلا أن هذه النسبة تنخفض بانتظام وبسرعة كلما اتجهنا نحو الجنوب، لتصل إلى واحدة من عشرة جنوب سلسلة الأطلس الكبير.هذا النظام المتحرك يجعل من النظام الهيدرولوجي هو الآخر غير ثابت، نظرا لارتباطه الوطيد بالتساقطات المطرية والثلجية .

ويبلغ متوسط الأمطار بالمجال المغربي حوالي 210 ملم / السنة، أي ما يعادل في المتوسط 150 مليار م3/السنة. مع العلم، أن تهاطلات الغلاف الجوي تتأرجح مابين 40 مليار م3 في السنة الجافة و 400 مليار م3 في سنة الممطرة.ونتيجة للتبخر والنتح لا يبقى من 150 مليار م3 سوى 29 مليار م3/السنة كمتوسط. وبذلك لا تمثل الأمطار النافعة إلا 19,3 % من مجموع تساقطات الغلاف الجوي على أرض التراب الوطني. إذن فماهي العوامل المؤثرة في مناخ المغرب ؟

- تأثير الموقع العرضي :

إن الامتداد العرضي الشاسع يؤثر في تحديد خصائص مناخ المغرب، سواء من حيث توزيع كمية الأمطار أو درجة الحرارة. فبحكم موقعه بين خطي عرض °21 و °36 شمالا، فإنه ينتمي إلى العروض الشبه المدارية.بل تواجده في منطقة انتقالية بين نطاقين مناخيين كبيرين: النطاق المعتدل في الشمال والنطاق المداري الحار في الجنوب.

في الفترة الرطبة، يتلقى المغرب كتلا هوائية باردة و رطبة مصدرها المنطقة المعتدلة شمالا. في السنة العادية يمر على البلاد من 15 إلى 20 اضطرابا جويا رطبا. في معظم الحالات لا تمس هذه الاضطرابات كل التراب الوطني،بل تقتصرأكثر على المناطق الشمالية والشمالية الغربيةوالوسطى، ونادرا ما تهم المناطق الشرقية والجنوبية الشرقية من البلاد.

وفي الفترة الجافة، يتعرض المغرب لكتل هوائية حارة وجافة أو رطبة قادمة من المنطقة المدارية جنوبا. و يتمخض عن تمركز المرتفع الأصوري قبالة السواحل المغربية، طقس مستقر معتدل في المناطق الساحلية وحار داخل البلاد. أما الكتل الصحراوية الجافة فإنها تكتسح الشرق و الجنوب، بل وفي حالات متعددة تتوغل نحو الشمال الغربي متجاوزة حاجز سلسلة الأطلس. وبصفة عامة، ينتج عن الموقع العرضي للمغرب انتشار المناخ المتوسطي في الشمال والشمال الغربي، وسيادة المناخ الصحراوي في الشرق و الجنوب الشرقي.

- تأثير عامل التضاريس:

يتدخل عامل التضاريس بواسطة عنصري الارتفاع الطبوغرافي والتوجيه، فكلما زاد الارتفاع تزايدت كمية الأمطار. لكن هذه الزيادة تتوقف عند علو يتراوح ما بين 500 2 م و 000 3 م، وذلك نظرا لقلة الرطوبة في طبقات الجو العليا.أما التوجيه، فهو الآخر يؤثر على كمية الأمطار داخل السفوح الجبلية. فالسفوح المواجهة للرياح الرطبة تكون محظوظة من حيث كمية الأمطار، بخلاف السفوح التي تقع في ظل المطر .

وتلعب التضاريس دورا رئيسيا في تحديد خصائص مناخ المغرب وتباينه الجهوي من منطقة لأخرى. ذلك أن انتصاب السلاسل الجبلية وسط البلاد، أدى إلى خلق مجالين مختلفين : المغرب الشمالي الغربي المنفتح على الرياح الممطرة، والمغرب الشرقي والجنوبي الخاضعين للتأثيرات الصحراوية.

تشكل الجبال بحق حاجزا طبيعيا رئيسيا يحد من تسرب الكتل الهوائية الآتية من المحيط في اتجاه شرق وجنوب السلسلة، كما تحد من توغل الكتل الهوائية الحارة والجافة نحو الشمال الغربي. وتبعا لذلك، فإن المناطق الجبلية في الريف و الأطلس تستقبل كميات مطرية وثلجية مهمة، كما تعرف انخفاضا في درجة الحرارة خلال الموسم الرطب .

أما على مستوى التوجيه، فإن السفوح الشمالية و الشمالية الغربية المواجهة للرياح الرطبة المحيطية، تستفيد شتاء من كميات مطرية و ثلجية مهمة. وقد مكن انفتاح سلسلة الأطلس في الجهة الغربية على واجهة بحرية محيطية من امتصاص قسط وافر من الرطوبة الجوية. وعلى نقيض ذلك، فإن السفوح الجنوبية والجنوبية الشرقية لا تستقبل إلا كميات ضئيلة.





- تأثير عاملي البحر و القارية:

تعتبر البحار والمحيطات المصدر الرئيسي لبخار الماء المحمل في الهواء، فمنها يستمد الغلاف الجوي الجزء الأكبر من رطوبته، كما يمكن اعتبارها خزانا للحرارة،بحيث تساهم في اعتدال الجو بالمناطق الساحلية.

وبحكم الموقع الجغرافي للمغرب، فإنه ينفتح بشكل واسع على المؤثرات البحرية المتوسطية في الشمال، والمحيطية الأطلنتية في الغرب. هذه المؤثرات تساعد على اعتدال المناخ بالمناطق الساحلية، حيث تقوم بتلطيف درجة حرارة فصل الصيف، والتخفيف من قساوة برودة الشتاء. لكن كلما ابتعدنا عن السواحل وتوغلنا شيئا فشيئا داخل البلاد، ترتفع درجات الحرارة صيفا وتنخفض شتاء. وعلى هذا الأساس، يكون المدى الحراري السنوي ضعيفا بالمناطق الساحلية وقويا بالداخلية.

يستنتج مما تقدم، أن للعوامل الجغرافية دور رئيسي في التفاوت المناخي داخل التراب الوطني. وهو ما يعني، تفاوت في توزيع الأمطار والثلوج ودرجات الحرارة والرطوبة وغير ذلك، وخاصة بين الشمال الغربي و الجنوب الشرقي من البلاد. ومن ثمة، فإن هذا التفاوت يساهم في خلق تباين جهوي على مستوى توزيع الموارد المائية العذبة............

تبعا للعوامل الجغرافية المؤثرة في مناخ المغرب، يمكن تقسيم التراب الوطني من حيث التفاوت المناخي إلى أربعة نطاقات مناخية. ففي الشمال والشمال الغربي، نجد النطاق الرطب والشبه رطب. وفي الشرق والجنوب الشرقي، يمتد النطاق النصف القاحل والقاحل ثم الصحراوي. ويتميز كل واحد من هذه النطاقات بخصائص مناخية معينة .



أ- النطاق الرطب والشبه رطب:

يشمل المناخ الرطب والشبه رطب تقريبا كل المناطق الواقعة أقصى شمال وغرب سلسلة الأطلس، ويتمركز المناخ الرطب بالخصوص فوق القمم العليا، وبالضبط في مناطق مختلفة من سلسلة جبال الريف (اكتامة وباب برد وزومي وشفشاون …)، إضافة إلى نقط أخرى بسلسلة الأطلس المتوسط والكبير. أما المناخ الشبه رطب، فيسود بالأخص ربع الشمال الغربي من البلاد باستثناء المرتفعات العليا .

يطبع النطاق الرطب والشبه رطب خصائص المناخ المتوسطي، إذ كلاهما ينفتح على المؤثرات البحرية المشبعة بالرطوبة المحيطية والقطبية. ويعرف المجالين خلال السنة الواحدة فصلين متباينين: فصل رطب معتدل يمتد من شهر نونبر إلى أبريل ( معدل الرطوبة النسبية للهواء يقدر بـ 85 %) وآخر جاف وحار من شهر ماي إلى أكتوبر (معدل الرطوبة النسبية للهواء يصل إلى 70 %) .

ويمكن اعتبار النطاق الرطب، أكثر النطاقات حظا من حيث التساقطات المطرية والثلجية، وخاصة بقمم الريف والأطلس. إذ تتراوح التساقطات المطرية بهذا النطاق في سنة عادية ما بين 600 ملم عند السهول الساحلية وأكثر من 200 1 ملم عند القمم العليا (الميدان الريفي بالدرجة الأولى ثم الأطلسي ثانيا)، وأحيانا تشهد هذه المرتفعات زخات مطرية عنيفة تستغرق فترات زمنية قصيرة. فالريف يعد أكثر المناطق المغربية رطوبة وارتواء باستثناء بعض الأحواض الداخلية للساحل المتوسطي وأقصى شرق سلسلة الريف .

أما تساقط الثلوج، فيهم المرتفعات التي يزيد علوها عن 500 1 م. ويتراوح سمك هذه الثلوج في فصل الشتاء ما بين نصف متر ومترين ( متوسط الأيام الثلجية يقدر بـ 20 يوما/ السنة). مثلا في محطة إفران، يصل متوسط الأيام الثلجية إلى 25 يوما/ السنة (معدل السمك 60 سم/السنة) ويصل في محطة باب برد إلى ما يناهز شهرا في السنة. وبعد ذوبان الثلوج تساهم مياهها في تغذية الطبقات الجوفية وتنشيط الجريان السطحمائي، خاصة بالأطلس المتوسط. فالظروف المناخية بهذا النطاق ملائمة وتساعد إلى حد ما في وفرة المياه بشكل كافي .

فيما يخص درجات الحرارة فهي معتدلة عموما، لكنها تنخفض بشكل ملموس شتاءا، وقد تنزل عن الصفر كما هو ملاحظ في محطة إفران. وعلى نقيض ذلك، ترتفع الحرارة في فصل الصيف (يوليوز-غشت)، بحيث تتجاوز 30° بالمناطق البعيدة عن السواحل. أما متوسط الحرارة السنوي فيتراوح ما بين 15° و 20°، فيما معدل التبخر لا يفوق 200 1 ملم/السنة .

يتلقى النطاق الشبه رطب تساقطات مطرية أقل أهمية من النطاق الرطب، بحيث تتراوح ما بين 400 و 800 ملم/السنة. وتنتمي الشهور الرطبة في السنة إلى فصل الشتاء (دجنبر ويناير وفبراير)، أما أجفها فتنتمي إلى فصل الصيف (يونيو ويوليوز وغشت). ويعرف هذا النطاق تفاوتا في التساقطات بين المناطق الساحلية والداخلية (القارية) .

وتكون درجات الحرارة خلال فصل الشتاء بهذا النطاق منخفضة، أدناها يسجل في شهري دجنبر ويناير، أما أقصاها فيسجل في فصل الصيف. أحيانا تتعدى الحرارة 35 °، كما هو الشأن في مدن فاس ومكناس ووزان وبني ملال وغيرها. ومما يزيد في حدتها هبوب رياح الشركي الجافة والحارة، وحتى المناطق الساحلية لا تسلم من هذه الرياح. ففي عدة فترات من الفصل الحار تجتاز رياح الشركي حاجز جبال الأطلس وتصل حتى السواحل، حينها يلعب نسيم البحر دوره في تلطيف الجو .

وهكذا، يسجل التبخر في فصل الصيف أرقاما قياسية، ذلك أن 65 % من مجموع المياه المتبخرة تتم خلال فترة ماي- شتنبر. أما معدل التبخر السنوي فيتراوح بين 600 1 ملم عند الساحل وأكثر من 000 2 ملم داخل النطاق. مثلا، سجل معدل التبخر بمحطة بني ملال إبان فترة 71-1982 ما يقارب 780 1 ملم، وفي فترة 61-1971 وصل المعدل بمحطة تادلة إلى 029,2 2 ملم .



ب - النطاق النصف قاحل :

يهم المناخ النصف قاحل المناطق التي تقع شرق وجنوب سلسلة الأطلس، أي المنطقة التي تربط الخط الرابط من وجدة إلى سيدي إفني. هذا النوع من المناخ يمتد تأثيره على مساحة تقدر بـ 000 100 كلم2 ، وهو ما يمثل نسبة 14 % من المساحة الإجمالية للتراب الوطني .

ويتشكل هذا النطاق من وحدة جغرافية يغلب عليها طابع القحولة، ما عدا الواجهة الساحلية التي تتعرض لمؤثرات متوسطية. لكن كلما توجهنا نحو الجنوب يزداد المناخ جفافا حيث التساقطات المطرية لا تتجاوز 400 ملم. ويرجع ذلك، كون هذه المنطقة الشرقية تقع في الجهة المحمية من المؤثرات الأطلنتية الرطبة. فنادرا، ما تتمكن هذه المؤثرات من اجتياز حاجز سلسلة الريف والأطلس المتوسط. هذا فضلا، عن انفتاح المنطقة على المؤثرات الصحراوية .

في بعض الأحيان يتعرض هذا النطاق لحالات جوية نادرة تتسبب فيها كتل هوائية باردة والتي تعطي زخات مطرية تمس خصوصا المرتفعات والسفوح والنجود العليا. وتعتبر سنوات 1963 (ماي) و 1975 (أبريل) و 1993 (نونبر) خير نموذج لمثل هذه الحالات .

وتتميز الواجهة الغربية للأطلس الكبير هي الأخرى بتساقطات مطرية ضعية اللهم المنطقة الساحلية التي تستفيد أكثر من المؤثرات البحرية الرطبة، والتي قد تتعدى بها التساقطات 500 ملم في بعض السنوات. كما أن المنطقة محمية نسبيا من المؤثرات الصحراوية الجافة بفضل حاجز الأطلس الكبير والصغير. فيما يخص درجات الحرارة، فهي متوسطة في فصل الشتاء وجد مرتفعة في فصل الصيف، تقل عن 30° عند السواحل وتزيد عن 40° في اتجاه الجنوب الشرقي، ويزيد من حدتها هبوب رياح الشركي، فينشط التبخر إذ يصل ما بين 000 2 و 000 3 ملم/السنة .



ج - النطاق القاحل و الصحراوي:

ينتشر المناخ الصحراوي في كل الأقاليم الصحراوية الجنوبية، حيث يغطي مساحة شاسعة من البلاد تقدر بـ 850 560 كلم2 ، أي بنسبة تصل إلى 80 % من إجمالي مساحة الوطنية. جزء من هذه المساحة يقع في أدنى الجنوب الشرقي من البلاد. أما الجزء الأكبر،فيقع في الجنوب الغربي انطلاقا من مدينة طانطان إلى لكويرة مرورا بالعيون والسمارة والداخلة.

إذا ما استثنينا، الشريط الساحلي الصحراوي الذي يتميز بمناخ مداري معتدل، فإن بقية النطاق يسوده مناخ جاف وقاحل، فكلما توغلنا في قلب النطاق إلا وزادت حدة المناخ القاري. كما يعرف هذا النطاق هبوب رياح غربية بحرية وأخرى شرقية (الشركي) إضافة إلى الزوابع الرملية.

ويشهد هذا النطاق تساقطات مطرية جد ضعيفة، بحيث لا تزيد عن 100 ملم في سنة عادية وتقل عن 30 ملم في سنة جافة. وتفوق السنوات الجافة بكثير السنوات الممطرة،حيث لا تتجاوز هذه الأخيرة، ثلاث سنوات متتابعة تفصل فيما بينها خمس إلى سبع سنوات جافة متتالية. ويلاحظ أن النطاق القاحل والصحراوي ليس عديم الأمطار تماما، بل إنه يتعرض في فترات قصيرة و متباعدة جدا لسقوط الأمطار، وتكون في الغالب مصحوبة بعواصف رعدية شديدة قد يترتب عنها حدوث سيول جارفة.

وتكون درجات الحرارة بهذا النطاق متوسطة شتاء، لكن في فصل الصيف ترتفع بشكل كبير لتفوق 40° في النهار وتقل عن 30° ليلا. كما تلعب رياح الشركي دورها في هذا الارتفاع. وعلى هذا الأساس، وبفعل قوة الإشعاع الشمسي من الطبيعي أن يكون التبخر جد مرتفع،إذ يتجاوز في مختلف نقط المجال 000 3 ملم/السنة .

استنادا إلى التسجيلات الرصدية للتساقطات المتوفرة، يلاحظ أن المغرب تعرض خلال القرن العشرين لسلسلة من السنوات الجافة. فكل المؤشرات تدل على ارتفاع حدة الجفاف في هذا القرن . لقد كشفت الأبحاث التي قامت بها مديرية الأرصاد الجوية الوطنية، أن سنوات 34-1935 و 44-1945 و 82-1983 و 94-1995، هي التي مرت بحالات الجفاف الحار.

لقد بات الفارق الزمني بين السنوات الجافة يتقلص شيئا فشيئا مع مرور الزمن. فبعدما كان موسم واحد جاف على رأس كل أربع سنوات في عقد الثمانينات، أصبح في الوقت الحاضر من بين كل سنتين موسم جاف. وهذا ما نتج عنه، تراجع في الموارد المائية ومحدوديتها .

وهكذا، فقد شهد مغرب القرن العشرين ثلاث فترات جافة رئيسية: امتدت الأولى من سنة 1917 إلى 1932م. خلالها سجلت التساقطات تراجعا كبيرا خصوصا ما بين سنة 1924– 1927م و 1928-1932 م. أما الثانية، فقد امتدت ما بين سنة 1943 و1953 م.

و تعد سنة 44-1945 م من السنوات الأشد جفافا ونكبة في تاريخ البلاد نظرا لما ترتب عنها من خسائر بشرية واقتصادية. فيما الفترة الثالثة، فتمتد من 1980 إلى سنة 2000 ، ويمكن اعتبارها من ضمن أطول الفترات الجافة في تاريخ البلاد، بل وأكثرها عجزا مطريا .فخلال فترة 80-1985 ،تراوح العجز الإجمالي للأمطار حسب المناطق ما بين 30 % و 45 % :

- أقل من 30 % بالمناطق المطلة على المحيط الأطلنتي ؛

- بين 30 % و 40 % بالأطلس الكبير والمتوسط ؛

- أكثر من 40 % بالجنوب الشرقي ومناطق وسط البلاد ؛

- في المناطق الأخرى قدر العجز بحوالي 30 %.

في فترة الجفاف هاته، انخفضت الموارد المائية السطحية بنسبة تتراوح ما بين 50 % و 90 %. وتعتبر الأودية التي تأخذ منابعها من سلسلة الأطلس الأكثر تضررا، بحيث بلغ عجز السيلان 70 % إلى 90 %، في حين لم يتجاوز هذا العجز 60 % بالنسبة للأودية التي تصرف الأحواض الشمالية الغربية من البلاد.

لقد سجلت سنة 1982 – 1983 أعلى عجز مطري، إذ قدر بـ 78 %، فيما لم يتعد هذا العجز 65 % خلال سنة 81 – 82 / 84 – 1985. وتعتبر سنة 82-1983 واحدة من بين أجف السنوات المناخية بالمغرب في القرن العشرين. ويصنف جفافها في المرتبة الخامسة من حيث حدة العجز المطري. وتمكن خصوصية هذه السنة في كونها سجلت وضعية مناخية استثنائية،ليس على الصعيد الوطني فحسب،بل أيضا عالميا .

وخلال فترة 80-1983، سجلت نسبة ملء السدود تراجعا كبيرا بحيث انخفض معدل الملء من 18 % إلى 50 %. ونفس الشيء يقال على مخزون المياه الجوفية،حيث عرف هو الآخر انخفاضا مهما، نتيجة ضعف الواردات وكثافة ضخ المياه. فقد تم تسجيل تراجع في مستوى العديد من الطبقات الجوفية (أنكاد وطريفة وتادلة وتافيلالت) بعشرة أمتار مقارنة مع مستوى سنة 1979.

أيضا بفعل جفاف 80 –1985، عرفت العيون عجزا في صبيبها، مثل عين أسردون (بني ملال) التي سجل صبيبها عجزا وصل إلى 30 % (معدل صبيبها السنوي العادي يقدر بـ 180 1 ل/ث ) يقابل عجزا مطريا في منطقة تزويد العين بمقدار 50 % .

كذلك خلال فترة 91-1993 ، عرف المجال المغربي جفافا حادا اختلفت ضراوته من منطقة لأخرى. ففي سنة 91-1992، تراوحت نسب العجز المطري حسب الأحواض ما بين 10 % و 50 %، مما انعكس سلبا على الطبقات الجوفية التي شهدت انخفاضا ملحوظا (الطبقات المتواجدة على المدارات السقوية تستفيد نسبيا من مياه السقي) .

هناك طبقات لم تتعد مترا واحدا كطبقة ساحل أزمور- دكالة بـ 0,7 م وتادلة بـ 0,9 م وطريفة بـ 0,8 م. فيما طبقات أخرى لم تتعد المترين، كطبقة فاس - مكناس بـ 1,6 م والمعمورة بـ 1,5 م وطبقة شرف العقاب بـ 1,2 م. وفي نفس الفترة أي 91-93 ، تراوحت نسب العجز ببعض العيون ما بين 25 % (عين راس الما - حوض لاو) و 47 % (عين تيمدرين - حوض سبو) .

أما في سنة 92- 1993، تراوحت النسب ما بين 10 % و 70 %، أي بمعدل إجمالي قدر بـ 42 %. وتعد أحواض الشمال الغربي وسبو وملوية وأبي رقراق وأحواض الجنوب الأطلسي من الأحواض التي مسها الجفاف بحدة. فمثلا،سجلت أحواض ورغة وأبي رقراق عجزا مطريا وصل إلى 90 %. وبلغ بأحواض النكور وإيناون وسوس ماسة 88 %. فيما قدر بـ 84 % بأحواض اللكوس وزيز. وفي سنة 93-1994 تراوح العجز المطري ما بين 10 % و 30 % بمختلف الأحواض .

وفي سنة 1999-2000، بلغ عجز التساقطات المطرية إلى حدود 10 مارس 2000، ما يناهز 55 % في المتوسط (غياب شبه تام للتساقطات خلال شهر فبراير وبداية مارس). هذا العجز تراوح ما بين 40 % و 70 % في أحواض ملوية، ورغة،أبي رقراق، سوس-ماسة، درعة وزيز .

وتبقى الإشارة، إلى أن تردد الجفاف على المغرب تختلف درجة حدته حسب السنوات. فهناك سنوات تتميز بحدة الجفاف، فيما أخرى تعرف عجزا متوسطا أو ضعيفا في التساقطات المطرية. أما التوزيع المجالي للجفاف، فإنه يتسم بالتباين.فالسنوات الجافة تتعاقب على البلاد بدرجات متفاوتة من حيث حدة العجز المطري. ويكون لكل سنة من هذه السنوات، توزيع مجالي جد متباين، من حيث درجة الخصاص المطري، بحيث من النادر جدا أن تكون قوة الانحراف المطري متشابهة بين منطقتين أو مجموعة من المناطق .

ويرجع التفاوت في التوزيع الجغرافي للسنوات الجافة عبر التراب الوطني إلى تنوع الظروف الجغرافية، وإلى التأثير المتباين لآليات الطقس والدورة الهوائية. تساهم هذه العوامل في تفاوت موجات الجفاف من حيث درجة العجز المطري. وتبقى المنطقتان الأطلنتية والجبلية الأقل خضوعا للجفاف مقارنة مع نظيرتها الشرقية والجنوبية من البلاد .

يستخلص مما تقدم، أن عناصر المناخ بالمغرب العربي غير ثابتة بل متغيرة زمنيا حسب الفصول والسنوات، وخاصة بالنسبة للتساقطات المطرية والثلجية. كما أن توزيعها المجالي غير متزن عبر تراب المغرب العربي، فالجهات الساحلية الشمالية (المتوسطية) والغربية (الأطلنتية) تستفيد أكثر من التساقطات المطرية مقارنة مع نظيرتها الداخلية الجنوبية والشرقية .

ويستنتج كذلك، أن ظاهرة الجفاف تعد من خاصيات مناخ المغرب العربي. فخلال القرن الماضي عرفت حالات جفاف متعددة شملت معظم دول المغرب العربي، خاصة تلك التي سجلها عقدي الثمانينات والتسعينات والتي تميزت بعجز مطري كبير. ويعزى ذلك أساسا إلى الاستقرار المطول والمسترسل للخليتين ضد إعصارية (العالي الآصوري والصحراوي) فوق أجواء أقطار دول المغرب العربي. وأيضا، إلى انخفاض أو غياب تام لبعض أنواع الطقوس ذات الدورة الهوائية المضطربة .

د. محمد صباحي

شعبة الجغرافيا بيبليوغرافية جغرافية المغرب العربي







- بيكي ألان (2000)



- جون فرانسواتروان (1985)

: تاريخ الجيولوجيا بالمغرب (مرجع بالفرنسية) .

الناشر قسم الجيولوجيا، الرباط/ م.ص: 115 .

: المغرب، الإنسان والمجال.

(مرجع باللغة الفرنسية)، نشر أرماند كولين، باريس/ م.ص: 360 .


- خالد المنوبي (1987)

: اقتصاد المغرب العربي ورأس المال العربي .

دار توبقال للنشر، الدار البيضاء /م.ص: 144 .


- سمير أمين (1980)

: المغرب العربي الحديث.

دار الحداثة للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت / م.ص: 328 .


- سامر مخيم وخالد حجازي (1996)

- سارة حسن منيمنة (1990)

: أزمة المياه في المنطقة العربية، الحقائق والبدائل الممكنة. عالم المعرفة،

سلسلة كتب يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب/الكويت.

: جغرافية الوطن العربي.

دار النهضة العربية للطباعة والنشر، بيروت/م.ص: 432 .


- صلاح الدين الشامي وفؤاد محمد الصقار (1985)

- علي البلشي (1997)

: جغرافية الوطن العربي الكبير.

دار المعارف (الطبعة الرابعة)، لبنان / م.ص: 479 .

: مظاهر التغايرية في المناخ المغربي .

منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، الرباط .

سلسلة ندوات ومناظرات رقم : 63 .


- محمد صبحي ويوسف خليل (1985)

- مديرية إعداد التراب

الوطني (2000)

: الوطن العربي، أرضه وسكانه وموارده.

المطبعة الفنية الحديثة القاهرة (الطبعة الرابعة) / م.ص: 619 .

: وثائق جهوية (16 كتيب) .

منشورات عكاظ، وزارة إعداد التراب الوطني والبيئة والإسكان،

إعداد التراب والتعمير (الطبعة الثانية)، الرباط .


- كلية الآداب - المحمدية

: الساحل وآفاق التنمية في المغرب العربي.

نتائج أعمال الندوة/ سلسلة ندوات رقم: 10.


- ودادية مهندسي القناطر والطرق لدول الغرب العربي

: إشكالية الماء في المغرب العربي.

نتائج مناظرة نظمت من طرف الودادية /13-15 يونيو 1991.


- وزارة التربية الوطنية (1999)

: الجغرافيا.

مقرر السنة الثانية الثانوي (جميع الشعب)

دار الثقافة للنشر والتوزيع، الدار البيضاء / م.ص: 175.


- يسرى الجوهري (1981)

: جغرافية المغرب العربي.

الناشر دار المعارف، الإسكندرية، مصر.

2 التعليقات:

j يقول...

موضوع متكامل حول جغرافية المغرب العربي دمت متمييزا أخي ...

elbshyar يقول...

غسيل كنب بمكة

غسيل كنب

شركة صقر البشاير تقوم ب غسيل كنب بمكة و غسيل سجاد بمكة باستخدام مواد عالية الجودة
كما اننا نعمل على ايدى متخصصين خبرة 23 عاما وباقل الاسعار
اتصل بنا على 0500941566 - 012/5576261
غسيل سجاد بمكة

غسيل سجاد

إرسال تعليق